حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي أخبرني ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر أخبره
أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آمنت بالله وبرسله ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا فقال ابن صياد هو الدخ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر بن الخطاب ذرني يا رسول الله أضرب عنقه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله وقال سالم بن عبد الله سمعت عبد الله بن عمر يقول انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة له فيها زمزمة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد فثار ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين قال سالم قال عبد الله بن عمر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني لأنذركموه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلموا أنه أعور وأن الله تبارك وتعالى ليس بأعور
قال ابن شهاب وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حذر الناس الدجال إنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كره عمله أو يقرؤه كل مؤمن وقال تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد قالا حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه رهط من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب حتى وجد ابن صياد غلاما قد ناهز الحلم يلعب مع الغلمان عند أطم بني معاوية وساق الحديث بمثل حديث يونس إلى منتهى حديث عمر بن ثابت وفي الحديث عن يعقوب قال قال أبي يعني في قوله لو تركته بين قال لو تركته أمه بين أمره و حدثنا عبد بن حميد وسلمة بن شبيب جميعا عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بابن صياد في نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وهو غلام بمعنى حديث يونس وصالح غير أن عبد بن حميد لم يذكر حديث ابن عمر في انطلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بن كعب إلى النخل
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله فِي رِوَايَة حَرْمَلَة : ( عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَالِم عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ عُمَر اِنْطَلَقَ )
هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ , وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ سَقَطَ فِي نُسْخَة اِبْن مَاهَان ذَكَرَ اِبْن عُمَر , وَصَارَ عِنْده مُنْقَطِعًا . قَالَ هُوَ وَغَيْره : وَالصَّوَاب رِوَايَة الْجُمْهُور مُتَّصِلًا بِذِكْرِ اِبْن عُمَر .
قَوْله : ( عِنْد أُطُم بَنِي مَغَالَة )
هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض النُّسَخ : ( بَنِي مَغَالَة ) , وَفِي بَعْضهَا ( اِبْن مَغَالَة ) , وَالْأَوَّل هُوَ الْمَشْهُور . وَالْمَغَالَة بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة . وَذَكَرَ مُسْلِم فِي رِوَايَة الْحَسَن الْحَلْوَانِيّ الَّتِي بَعْد هَذِهِ أَنَّهُ أُطُم بَنِي مُعَاوِيَة بِضَمِّ الْمِيم وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة . قَالَ الْعُلَمَاء : الْمَشْهُور الْمَعْرُوف هُوَ الْأَوَّل . قَالَ الْقَاضِي : وَبَنُو مَغَالَة كُلّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينك إِذَا وَقَفْت آخِر الْبَلَاط مُسْتَقْبِل مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُطُم بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالطَّاء هُوَ الْحِصْن جَمْعه آطَام .
قَوْله : ( فَرَفَضَهُ )
هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر نُسَخ بِلَادنَا : ( فَرَفَضَهُ ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة , وَقَالَ الْقَاضِي : رِوَايَتنَا فِيهِ عَنْ الْجَمَاعَة بِالصَّادِ الْمُهْمَلَة . قَالَ بَعْضهمْ : الرُّفَص بِالصَّادِ الْمُهْمَلَة الضَّرْب بِالرِّجْلِ مِثْل الرَّفْس بِالسِّينِ . قَالَ : فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ مَعْنَاهُ . قَالَ : لَكِنْ لَمْ أَجِد هَذِهِ اللَّفْظَة فِي أُصُول اللُّغَة . قَالَ : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْقَاضِي التَّمِيمِيّ . ( فَرَفَضَهُ ) بِضَادٍ مُعْجَمَة , وَهُوَ وَهْم . قَالَ : وَفِي الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ : ( فَرَقَصه ) بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَة , وَلَا وَجْه لَهُ . وَفِي الْبُخَارِيّ فِي كِتَاب الْأَدَب ( فَرَفَضَ ) بِضَادٍ مُعْجَمَة . قَالَ : وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبه : ( فَرَصَهُ ) بِصَادٍ مُهْمَلَة , أَيْ ضَغَطَهُ حَتَّى ضُمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { بُنْيَان مَرْصُوص } قُلْت : وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى ( رَفَضَهُ ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ تَرَكَ سُؤَاله الْإِسْلَام لِيَأْسِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ , ثُمَّ شَرَعَ فِي سُؤَاله عَمَّا يَرَى . وَاَللَّه أَعْلَم .
قَوْله : ( وَهُوَ يَخْتِل أَنْ يَسْمَع مِنْ اِبْن صَيَّاد شَيْئًا )
هُوَ بِكَسْرِ التَّاء أَيْ يَخْدَع اِبْن صَيَّاد , وَيَتَغَفَّلهُ لِيَسْمَع شَيْئًا مِنْ كَلَامه , وَيَعْلَم هُوَ وَالصَّحَابَة حَاله فِي أَنَّهُ كَاهِن أَمْ سَاحِر وَنَحْوهمَا .
وَفِيهِ كَشْف أَحْوَال مَنْ تُخَاف مَفْسَدَته .
وَفِيهِ كَشْف الْإِمَام الْأُمُور الْمُهِمَّة بِنَفْسِهِ .
قَوْله : ( إِنَّهُ فِي قَطِيفَة لَهُ فِيهَا زَمْزَمَة )
الْقَطِيفَة كِسَاء مُخْمَل سَبَقَ بَيَانهَا مَرَّات , وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة فِي مُعْظَم نُسَخ مُسْلِم ( زَمْزَمَة ) بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ , وَفِي بَعْضهَا بِرَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ , وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيّ بِالْوَجْهَيْنِ , وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُور رُوَاة مُسْلِم أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ , وَأَنَّهُ فِي بَعْضهَا ( رَمْزَة ) بِرَاءٍ أَوَّلًا وَزَاي آخِرًا وَحَذْف الْمِيم الثَّانِيَة , وَهُوَ صَوْت خَفِيّ لَا يَكَاد يُفْهَم , أَوْ لَا يُفْهَم .
قَوْله : ( فَثَارَ اِبْن صَيَّاد )
أَيْ نَهَضَ مِنْ مَضْجَعه وَقَامَ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ نَبِيّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمه , لَقَدْ أَنْذَرَ نُوح قَوْمه )
هَذَا الْإِنْذَار لِعِظَمِ فِتْنَته وَشِدَّة أَمْرهَا .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعْلَمُوا أَنَّهُ أَعْوَر )
اِتَّفَقَ الرُّوَاة عَلَى ضَبْطه تَعْلَّمُوا بِفَتْحِ الْعَيْن وَاللَّام الْمُشَدَّدَة , وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْره عَنْهُمْ قَالُوا : وَمَعْنَاهُ اِعْلَمُوا وَتَحَقَّقُوا . يُقَال : تَعْلَّم بِفَتْحٍ مُشَدَّد بِمَعْنَى اِعْلَمْ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَد مِنْكُمْ رَبّه حَتَّى يَمُوت )
قَالَ الْمَازِرِيّ : هَذَا الْحَدِيث فِيهِ تَنْبِيه عَلَى إِثْبَات رُؤْيَة اللَّه تَعَالَى فِي الْآخِرَة , وَهُوَ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ , وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَحِيلَة كَمَا يَزْعُم الْمُعْتَزِلَة لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَوْتِ مَعْنَى , وَالْأَحَادِيث بِمَعْنَى هَذَا كَثِيرَة سَبَقَتْ فِي كِتَاب الْإِيمَان جُمْلَة مِنْهَا مَعَ آيَات مِنْ الْقُرْآن , وَسَبَقَ هُنَاكَ تَقْرِير الْمَسْأَلَة . قَالَ الْقَاضِي : وَمَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّهَا غَيْر مُسْتَحِيلَة فِي الدُّنْيَا , بَلْ مُمْكِنَة , ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي وُقُوعهَا , وَمَنْ مَنَعَهُ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيث مَعَ قَوْله تَعَالَى : { لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار } عَلَى مَذْهَب مَنْ تَأَوَّلَهُ فِي الدُّنْيَا . وَكَذَلِكَ اِخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبّه لَيْلَة الْإِسْرَاء . وَلِلسَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ , ثُمَّ الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَالنُّظَّار فِي ذَلِكَ خِلَاف مَعْرُوف , وَقَالَ أَكْثَر مَانِعِيهَا فِي الدُّنْيَا : سَبَب الْمَنْع ضَعْف قُوَى الْآدَمِيّ فِي الدُّنْيَا عَنْ اِحْتِمَالهَا كَمَا لَمْ يَحْتَمِلهَا مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا . وَاَللَّه أَعْلَم .
قَوْله : ( نَاهَزَ الْحُلُم )
أَيْ قَارَبَ الْبُلُوغ .
صحيح مسلم :: الفتن وأشراط الساعة :: ذكر ابن صياد
12416
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وإسحق بن إبراهيم وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قال ابن نمير حدثنا و قال الآخران أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال
كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بابن صياد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك خبيئا فقال دخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن يكن الذي تخاف لن تستطيع قتله
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَبَّأْت لَك خَبِيئًا )
هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ , وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُور رُوَاة مُسْلِم : ( خَبِيئًا ) بِبَاءٍ مُوَحَّدَة مَكْسُورَة ثُمَّ مُثَنَّاة . وَفِي بَعْض النُّسَخ , ( خَبَّأَ ) بِمُوَحَّدَةٍ فَقَطْ سَاكِنَة , وَكِلَاهُمَا صَحِيح .
قَوْله : ( هُوَ الدُّخّ )
هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَتَشْدِيد الْخَاء , وَهِيَ لُغَة فِي الدُّخَان كَمَا قَدَّمْنَاهُ . وَحَكَى صَاحِب نِهَايَة الْغَرِيب فِيهِ فَتْح الدَّال وَضَمّهَا , وَالْمَشْهُور فِي كُتُب اللُّغَة وَالْحَدِيث ضَمّهَا فَقَطْ , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالدُّخِّ هُنَا الدُّخَان , وَأَنَّهَا لُغَة فِيهِ . وَخَالَفَهُمْ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ : لَا مَعْنَى لِلدُّخَانِ هُنَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَا يُخَبَّأ فِي كَفّ أَوْ كُمّ كَمَا قَالَ , بَلْ الدُّخّ بَيْت مَوْجُود بَيْن النَّخِيل وَالْبَسَاتِين قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنَى خَبَّأْت أَضْمَرْت لَك اِسْم الدُّخَان فَيَجُوز وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ لَهُ آيَة الدُّخَان , وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : { فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين } قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الدَّاوُدِيُّ : وَقِيلَ : كَانَتْ سُورَة الدُّخَان مَكْتُوبَة فِي يَده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ كَتَبَ الْآيَة فِي يَده . قَالَ الْقَاضِي : وَأَصَحّ الْأَقْوَال أَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ الْآيَة الَّتِي أَضْمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِهَذَا اللَّفْظ النَّاقِص عَلَى عَادَة الْكُهَّان إِذَا أَلْقَى الشَّيْطَان إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يَخْطَف قَبْل أَنْ يُدْرِكهُ الشِّهَاب , وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” اِخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُو قَدْرك ” أَيْ الْقَدْر الَّذِي يُدْرِك الْكُهَّان مِنْ الِاهْتِدَاء إِلَى بَعْض الشَّيْء , وَمَا لَا يُبَيِّن مِنْ تَحْقِيقه , وَلَا يَصِل بِهِ إِلَى بَيَان وَتَحْقِيق أُمُور الْغَيْب .
وَمَعْنَى ( اِخْسَأْ )
اُقْعُدْ فَلَنْ تَعْدُو قَدْرك . وَاَللَّه أَعْلَم .
موطأ مالك :: الجنائز :: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي
1281
حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد الحلم فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال لابن صياد تشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فرفضه وقال آمنت بالله وبرسله فقال له ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا فقال ابن صياد هو الدخ فقال اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله وقال سالم سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع يعني في قطيفة له فيها رمزة أو زمرة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد صلى الله عليه وسلم فثار ابن صياد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو تركته بين وقال شعيب في حديثه فرفصه رمرمة أو زمزمة وقال إسحاق الكلبي وعقيل رمرمة وقال معمر رمزة
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
حَدِيث اِبْن عُمَر فِي قِصَّة اِبْن صَيَّاد وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْبَاب الْمُشَار إِلَيْهِ فِي الْجِهَاد , وَمَقْصُود الْبُخَارِيّ مِنْهُ الِاسْتِدْلَال هُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَيَّاد ” أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه ” ؟ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ دُون الْبُلُوغ
قَوْله : ” أُطُم ”
بِضَمَّتَيْنِ بِنَاء كَالْحِصْنِ .
وَ ” مَغَالَة ”
بِفَتْحِ الْمِيم وَالْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة بَطْن مِنْ الْأَنْصَار , وَابْن صَيَّاد فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ صَائِد وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ كَانَ يُدْعَى بِهِ , وَقَوْله ” فَرَفَضَهُ ” لِلْأَكْثَرِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة أَيْ تَرَكَهُ , قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : أَنْكَرَهَا الْقَاضِي . وَلِبَعْضِهِمْ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ دَفَعَهُ بِرِجْلِهِ , قَالَ عِيَاض : كَذَا فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ غَيْر الْمُسْتَمْلِي وَلَا وَجْه لَهَا . قَالَ الْمَازِرِيّ : لَعَلَّهُ رَفْسه بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة أَيْ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ , قَالَ عِيَاض : لَمْ أَجِد هَذِهِ اللَّفْظَة فِي جَمَاهِير اللُّغَة يَعْنِي بِالصَّادِ , قَالَ : وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ بِالْقَافِ بَدَل الْفَاء , وَفِي رِوَايَة عَبْدُوس ” فَوَقَصَهُ ” بِالْوَاوِ وَالْقَاف , وَقَوْله ” وَهُوَ يَخْتِل ” بِمُعْجَمَةِ سَاكِنَة بَعْدهَا مُثَنَّاة مَكْسُورَة أَيْ يَخْدَعهُ , وَالْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يُرِيد أَنْ يَسْتَغْفِلهُ لِيَسْمَع كَلَامه وَهُوَ لَا يَشْعُر .
قَوْله : ( لَهُ فِيهَا رُمْزَة أَوْ زُمْرَة )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الشَّكّ فِي تَقْدِيم الرَّاء عَلَى الزَّاي أَوْ تَأْخِيرهَا , وَلِبَعْضِهِمْ ” زَمْزَمَة أَوْ رَمْرَمَة ” عَلَى الشَّكّ هَلْ هُوَ بِزَايَيْنِ أَوْ بِرَاءَيْنِ مَعَ زِيَادَة مِيم فِيهِمَا , وَمَعَانِي هَذِهِ الْكَلِمَات الْمُخْتَلِفَة مُتَقَارِبَة , فَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الرَّاء وَمِيم وَاحِدَة فَهِيَ فُعْلَة مِنْ الرَّمْز وَهُوَ الْإِشَارَة , وَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الزَّاي كَذَلِكَ فَمِنْ الزُّمَر وَالْمُرَاد حِكَايَة صَوْته , وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَمِيمَيْنِ فَأَصْله مِنْ الْحَرَكَة وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الصَّوْت الْخَفِيّ , وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُعْجَمَتَيْنِ كَذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ تَحْرِيك الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلَامِ , وَقَالَ غَيْره : وَهُوَ كَلَام الْعُلُوج وَهُوَ صَوْت يُصَوَّت مِنْ الْخَيَاشِيم وَالْحَلْق .
قَوْله : ( فَثَارَ اِبْن صَيَّاد )
أَيْ قَامَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْكُشْمِيهَنيّ ” فَثَابَ ” بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ رَجَعَ عَنْ الْحَالَة الَّتِي كَانَ فِيهَا .
قَوْله : ( وَقَالَ شُعَيْب زَمْزَمَهُ فَرَفَصَهُ )
فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ بِالزَّايَيْنِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَة , وَفِي رِوَايَة غَيْره ” وَقَالَ شُعَيْب فِي حَدِيثه فَرَفَصَهُ زَمْزَمَهُ أَوْ رَمْرَمَهُ ” بِالشَّكِّ . وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَب مَوْصُولًا مِنْ هَذَا الْوَجْه بِالشَّكِّ , لَكِنْ فِيهِ ” فَرَصَّهُ ” بِغَيْرِ فَاءَ وَبِالتَّشْدِيدِ , وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبه بِمُهْمَلَةٍ أَيْ ضَغَطَهُ وَضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض .
قَوْله : ( وَقَالَ إِسْحَاق الْكَلْبِيّ وَعُقَيْل رَمْرَمَهُ )
يَعْنِي بِمُهْمَلَتَيْنِ
( وَقَالَ مَعْمَر رُمْزَة )
يَعْنِي بِرَاءٍ ثُمَّ زَاي , أَمَّا رِوَايَة إِسْحَاق فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّات وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والْكُشْمِيهَنِيّ وَأَبِي الْوَقْت , وَأَمَّا رِوَايَة عُقَيْل فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّف فِي الْجِهَاد وَكَذَا رِوَايَة مَعْمَر .
صحيح مسلم :: الفتن وأشراط الساعة :: ذكر ابن صياد
و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد
أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال درمكة بيضاء مسك خالص
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله : فِي ( تُرْبَة الْجَنَّة ) : هِيَ دَرْمَكَة بَيْضَاء مِسْك خَالِص
قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّهَا فِي الْبَيَاض دَرْمَكَة , وَفِي الطِّيب مِسْك , وَالدَّرْمَك هُوَ الدَّقِيق الْحَوَارِيّ الْخَالِص الْبَيَاض . وَذَكَرَ مُسْلِم الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ اِبْن صَيَّاد عَنْ تُرْبَة الْجَنَّة , أَوْ اِبْن صَيَّاد سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الْقَاضِي : قَالَ بَعْض أَهْل النَّظَر : الرِّوَايَة الثَّانِيَة أَظْهَر .
صحيح مسلم :: الفتن وأشراط الساعة :: ذكر ابن صياد
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حسين يعني ابن حسن بن يسار حدثنا ابن عون عن نافع قال كان نافع يقول ابن صياد قال قال ابن عمر لقيته مرتين قال فلقيته فقلت لبعضهم هل تحدثون أنه هو قال لا والله قال قلت كذبتني والله لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالا وولدا فكذلك هو زعموا اليوم قال فتحدثنا ثم فارقته قال فلقيته لقية أخرى وقد نفرت عينه قال فقلت متى فعلت عينك ما أرى قال لا أدري قال قلت لا تدري وهي في رأسك قال إن شاء الله خلقها في عصاك هذه قال فنخر كأشد نخير حمار سمعت قال فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت وأما أنا فوالله ما شعرت قال وجاء حتى دخل على أم المؤمنين فحدثها فقالت ما تريد إليه
ألم تعلم أنه قد قال إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه
صحيح مسلم بشرح النووي
قَوْله : ( فَلَقِيته لُقْيَة أُخْرَى )
قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق : رُوِّينَاهُ ( لُقْيَة ) بِضَمِّ اللَّام . قَالَ ثَعْلَب وَغَيْره : يَقُولُونَهُ بِفَتْحِهَا . هَذَا كَلَام الْقَاضِي , وَالْمَعْرُوف فِي اللُّغَة وَالرِّوَايَة بِبِلَادِنَا الْفَتْح .
قَوْله : ( وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنه )
بِفَتْحِ النُّون وَالْفَاء أَيْ وَرِمَتْ وَنَتَأَتْ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى وَجْه آخَر وَالظَّاهِر أَنَّهَا تَصْحِيف .
سنن الترمذي :: الفتن عن رسول الله :: ما جاء في ذكر ابن صائد
حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بابن صياد في نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وهو غلام فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد قال أشهد أنك رسول الأميين ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أنت أني رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بالله وبرسله ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيك قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني خبأت لك خبيئا وخبأ له
{يوم تأتي السماء بدخان مبين }
فقال ابن صياد هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك قال عمر يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يك حقا فلن تسلط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله
قال عبد الرزاق يعني الدجال قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( عِنْدَ أُطُمٍ )
بِضَمَّتَيْنِ الْقَصْرُ وَكُلُّ حِصْنٍ مَبْنِيٌّ بِحِجَارَةٍ وَكُلُّ بَيْتٍ مُرَبِّعٍ مُسَطَّحٍ الْجَمْعُ – آطَامٌ وَأُطُومٌ
( بَنِي مَغَالَةَ )
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَنِي مَغَالَةَ وَفِي بَعْضِهَا اِبْنُ مَغَالَةَ , وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَغَالَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ , وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ الْحَسَنَ الْحَلْوَانِيَّ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ أَنَّهُ أُطُمُ بَنِي مُعَاوِيَةَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْأَوَّلُ . قَالَ الْقَاضِي : وَبَنُو مَغَالَةَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينِك إِذَا وَقَفْت آخِرَ الْبَلَاطِ مُسْتَقْبِلَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( وَهُوَ غُلَامٌ )
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : وَقَدْ قَارَبَ اِبْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ
( فَلَمْ يَشْعُرْ )
بِضَمِّ الْعَيْنِ
( ظَهْرَهُ )
أَيْ ظَهْرَ اِبْنِ صَيَّادٍ
( ثُمَّ قَالَ )
أَيْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَالَ أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ )
قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ بِهِمْ الْعَرَبَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَقْرَءُونَ . وَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مِنْ قِبَلِ الْمَنْطُوقِ لَكِنَّهُ يُشْعِرُ بِبَاطِلٍ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ , وَهُوَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْعَرَبِ غَيْرُ مَبْعُوثٍ إِلَى الْعَجَمِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْيَهُودِ , وَهُوَ إِنْ قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَاذِبُ الَّذِي يَأْتِيهِ وَهُوَ شَيْطَانُهُ اِنْتَهَى . وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ : لَا , بَلْ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
( فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْت بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ )
قَالَ الطِّيبِيُّ الْكَلَامُ خَارِجٌ عَلَى إِرْخَاءِ الْعَنَانِ أَيْ آمَنْت بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فَتَفَكَّرْ هَلْ أَنْتَ مِنْهُمْ اِنْتَهَى . قَالَ الْقَارِي : وَفِيهِ إِبْهَامُ تَجْوِيزِ التَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الرُّسُلِ أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ .
فَالصَّوَابُ أَنَّهُ عَمِلَ بِالْمَفْهُومِ كَمَا فَعَلَهُ الدَّجَّالُ . فَالْمَعْنَى أَنِّي آمَنْت بِرُسُلِهِ وَأَنْتَ لَسْت مِنْهُمْ فَلَوْ كُنْت مِنْهُمْ لَآمَنْت بِك . وَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِلْمِ بِالْخَاتِمَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ بِهِ اِنْتَهَى .
( يَأْتِينِي صَادِقٌ )
أَيْ خَبَرٌ صَادِقٌ تَارَةً
( وَكَاذِبٌ )
أَيْ أُخْرَى . وَقِيلَ حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّ الَّذِي يَأْتِيك مَا يَقُولُ لَك , وَمُجْمَلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُحَدِّثُنِي بِشَيْءٍ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَقَدْ يَكُونُ كَاذِبًا
( فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِّطَ )
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ التَّخْلِيطِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ : أَيْ مَا يَأْتِيك بِهِ شَيْطَانُك مُخَلَّطٌ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ تَارَاتٍ يُصِيبُ فِي بَعْضِهَا وَيُخْطِئُ فِي بَعْضِهَا فَلِذَلِكَ اِلْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ
( وَإِنِّي قَدْ خَبَّأْت )
أَيْ أَضْمَرْت فِي نَفْسِي
( خَبِيئًا )
أَيْ اِسْمًا مُضْمَرًا لَتُخْبِرَنِّي بِهِ
( وَهُوَ الدُّخُّ )
قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ , وَهِيَ لُغَةٌ فِي الدُّخَانِ وَحَكَى صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ فِيهِ فَتْحَ الدَّالِ وَضَمَّهَا وَالْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ ضَمُّهَا فَقَطْ . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخِّ هُنَا الدُّخَانُ وَأَنَّهَا لُغَةٌ فِيهِ وَخَالَفَهُمْ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ : لَا مَعْنَى لِلدُّخَانِ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُخَبَّأُ فِي كَفٍّ أَوْ كُمٍّ كَمَا قَالَ بَلْ الدُّخُّ بَيْتٌ مَوْجُودٌ بَيْنَ النَّخِيلِ وَالْبَسَاتِينِ , قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَّأْت أَضْمَرْت لَك اِسْمَ الدُّخَانِ فَيَجُوزُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ لَهُ آيَةَ الدُّخَانِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّاوُدِيُّ وَقِيلَ : كَانَتْ سُورَةُ الدُّخَانِ مَكْتُوبَةً فِي يَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ كَتَبَ الْآيَةَ فِي يَدِهِ . قَالَ الْقَاضِي : وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ الْآيَةِ الَّتِي أَضْمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِهَذَا اللَّفْظِ النَّاقِصِ عَلَى عَادَةِ الْكُهَّانِ إِذَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يَخْطَفُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الشِّهَابُ اِنْتَهَى . قَالَ صَاحِبُ اللُّمَعَاتِ : هَذَا إِمَّا لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ أَوْ كَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَسَمِعَهُ الشَّيْطَانُ فَأَلْقَاهُ إِلَيْهِ اِنْتَهَى
( اِخْسَأْ )
بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ كَلِمَةُ زَجْرٍ وَاسْتِهَانَةٍ مِنْ الْخَسْءِ وَهُوَ زَجْرُ الْكَلْبِ أَيْ اُمْكُثْ صَاغِرًا أَوْ اُبْعُدْ حَقِيرًا أَوْ اُسْكُتْ مَزْجُورًا
( فَلَنْ تَعْدُوَ )
بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ فَلَنْ تُجَاوِزَ
( قَدْرَك )
أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي يُدْرِكُهُ الْكُهَّانُ مِنْ الِاهْتِدَاءِ إِلَى بَعْضِ الشَّيْءِ وَمَا لَا يَبِينُ مِنْهُ حَقِيقَتُهُ , وَلَا يَصِلُ بِهِ إِلَى بَيَانِ وَتَحْقِيقِ أُمُورِ الْغَيْبِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ .
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ لَا تَتَجَاوَزْ عَنْ إِظْهَارِ الْخَبِيَّاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْكَهَنَةِ إِلَى دَعْوَى النُّبُوَّةِ فَتَقُولُ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
( إِنْ يَكُ حَقًّا )
أَيْ إِنْ يَكُ اِبْنُ صَيَّادٍ دَجَّالًا
( فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ )
فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ : دَعْهُ فَإِنْ يَكُنْ الَّذِي تَخَافُ لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ
( فَلَا خَيْرَ لَك فِي قَتْلِهِ )
أَيْ إِمَّا لِكَوْنِهِ صَغِيرًا أَوْ ذِمِّيًّا . وَفِي حَدِيثٍ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ : إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَسْت صَاحِبَهُ , إِنَّمَا صَاحِبُهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ . وَإِلَّا يَكُنْ هُوَ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَقْتُلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ . وَحَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ .
سنن ابن ماجه :: الفتن :: الملاحم :: في خبر الجساسة
حدثنا النفيلي حدثنا عثمان بن عبد الرحمن حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر العشاء الآخرة ذات ليلة ثم خرج فقال إنه حبسني حديث كان يحدثنيه تميم الداري عن رجل كان في جزيرة من جزائر البحر فإذا أنا بامرأة تجر شعرها قال ما أنت قالت أنا الجساسة اذهب إلى ذلك القصر فأتيته فإذا رجل يجر شعره مسلسل في الأغلال ينزو فيما بين السماء والأرض فقلت من أنت قال أنا الدجال خرج نبي الأميين بعد قلت نعم قال أطاعوه أم عصوه قلت بل أطاعوه قال ذاك خير لهم
حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا عبد الصمد حدثنا أبي قال سمعت حسينا المعلم حدثنا عبد الله بن بريدة حدثنا عامر بن شراحيل الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أن الصلاة جامعة فخرجت فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك قال ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال هل تدرون لم جمعتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال إني ما جمعتكم لرهبة ولا رغبة ولكن جمعتكم أن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي حدثتكم عن الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر وأرفئوا إلى جزيرة حين مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر قالوا ويلك ما أنت قالت أنا الجساسة انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه فذكر الحديث وسألهم عن نخل بيسان وعن عين زغر وعن النبي الأمي قال إني أنا المسيح وإنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج قال النبي صلى الله عليه وسلم وإنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو مرتين وأومأ بيده قبل المشرق قالت حفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث حدثنا محمد بن صدران حدثنا المعتمر حدثنا إسمعيل بن أبي خالد عن مجالد بن سعيد عن عامر قال حدثتني فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ثم صعد المنبر وكان لا يصعد عليه إلا يوم جمعة قبل يومئذ ثم ذكر هذه القصة قال أبو داود وابن صدران بصري غرق في البحر مع ابن مسور لم يسلم منهم غيره حدثنا واصل بن عبد الأعلى أخبرنا ابن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر إنه بينما أناس يسيرون في البحر فنفد طعامهم فرفعت لهم جزيرة فخرجوا يريدون الخبز فلقيتهم الجساسة قلت لأبي سلمة وما الجساسة قال امرأة تجر شعر جلدها ورأسها قالت في هذا القصر فذكر الحديث وسأل عن نخل بيسان وعن عين زغر قال هو المسيح فقال لي ابن أبي سلمة إن في هذا الحديث شيئا ما حفظته قال شهد جابر أنه هو ابن صياد قلت فإنه قد مات قال وإن مات قلت فإنه أسلم قال وإن أسلم قلت فإنه قد دخل المدينة قال وإن دخل المدينة
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( الْعِشَاء الْآخِرَة )
: أَيْ صَلَاة الْعِشَاء
( إِنَّهُ )
: أَيْ الشَّأْن
( حَبَسَنِي )
: أَيْ مَنَعَنِي مِنْ الْخُرُوج
( عَنْ رَجُل )
: أَيْ عَنْ حَال رَجُل وَهُوَ الدَّجَّال
( تَجُرّ شَعْرهَا )
: صِفَة لِامْرَأَةٍ وَهُوَ كِنَايَة عَنْ طُول شَعْرهَا
( قَالَتْ )
: أَيْ تِلْكَ الْمَرْأَة
( أَنَا الْجَسَّاسَة )
: وَفِي الْحَدِيث الْآتِي فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّة أَهْلَب كَثِيرَة الشَّعْر قَالُوا : وَتِلْكَ مَا أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَة . قِيلَ فِي الْجَمْع بَيْنهمَا يَحْتَمِل أَنَّ لِلدَّجَّالِ جَسَّاسَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا دَابَّة وَالثَّانِيَة اِمْرَأَة وَيَحْتَمِل أَنَّ الْجَسَّاسَة كَانَتْ شَيْطَانَة تَمَثَّلَتْ تَارَة فِي صُورَة دَابَّة وَأُخْرَى فِي صُورَة اِمْرَأَة , وَلِلشَّيْطَانِ التَّشَكُّل فِي أَيّ تَشَكُّل أَرَادَ . وَيَحْتَمِل أَنْ تُسَمَّى الْمَرْأَة دَابَّة مَجَازًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : { وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا } وَلَفْظ مُسْلِم ” فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّة أَهْلَب كَثِير الشَّعْر لَا يَدْرُونَ مَا قُبُله مِنْ دُبُره مِنْ كَثْرَة الشَّعْر قَالُوا : وَيْلَك مَا أَنْتِ قَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَة اِنْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُل فِي الدَّيْر فَإِنَّهُ إِلَى خَبَركُمْ بِالْأَشْوَاقِ ” قَالَ : لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُون شَيْطَانَة , وَسَيَجِيءُ هَذَا اللَّفْظ فِي الْحَدِيث الْآتِي
( مُسَلْسَل )
: صِفَة ثَانِيَة لِرَجُلٍ أَيْ مُقَيَّد بِالسَّلَاسِلِ
( فِي الْأَغْلَال )
: أَيْ مَعَهَا
( يَنْزُو )
: بِسُكُونِ النُّون وَضَمّ الزَّاي أَيْ يَثِب وُثُوبًا
( فِيمَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض )
: قَالَ فِي فَتْح الْوَدُود مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ يَنْزُو أَوْ بِمُسَلْسَلٍ اِنْتَهَى قَالَ الْقَارِي : أَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مُتَعَلِّق بِمُسَلْسَلٍ
( خَرَجَ )
: بِحَذْفِ حَرْف الِاسْتِفْهَام وَفِي بَعْض النُّسَخ أَخَرَجَ بِذِكْرِهِ
( نَبِيّ الْأُمِّيِّينَ )
: أَيْ الْعَرَب . قَالَ اِبْن الْمَلَك فِي شَرْح الْمَشَارِق : أَرَادَ الدَّجَّال بِالْأُمِّيِّينَ الْعَرَب لِأَنَّهُمْ لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَقْرَءُونَ غَالِبًا
( بَعْدُ )
: مَبْنِيّ عَلَى الضَّمّ
( قَالَ ذَاكَ خَيْر لَهُمْ )
قَالَ الطِّيبِيّ : رَحِمَهُ اللَّه الْمُشَار إِلَيْهِ مَا يُفْهَم مِنْ قَوْله وَأَطَاعُوهُ . قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : رَحِمَهُ اللَّه هَذَا الْقَوْل قَوْل مَنْ عَرَفَ الْحَقّ وَالْمَخْذُول مِنْ الْبُعْد مِنْ اللَّه بِمَكَانٍ لَمْ يُرَ لَهُ فِيهِ مُسَاهِم فَمَا وَجْه قَوْله هَذَا , قُلْنَا : يَحْتَمِل أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْخَيْر فِي الدُّنْيَا أَيْ طَاعَتهمْ لَهُ خَيْر لَهُمْ فَإِنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوا اِجْتَاحَهُمْ وَاسْتَأْصَلَهُمْ , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ مِنْ بَاب الصِّرْفَة صَرَفَهُ اللَّه تَعَالَى عَنْ الطَّعْن فِيهِ وَالتَّكَبُّر عَلَيْهِ وَتَفَوَّهَ بِمَا ذَكَرَ عَنْهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ وَالْمَأْخُوذ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَطِيع أَنْ يَتَكَلَّم بِغَيْرِهِ تَأْيِيدًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَضْل مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاء اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ مَوْلَاهُ الْحَرَّانِيّ الْمَعْرُوف بِالطَّرَائِفِيّ , قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتْبَع طَرَائِف الْحَدِيث . قَالَ اِبْن نُمَيْر : كَذَّاب وَقَالَ أَبُو عَرُوبَة عِنْده عَجَائِب . وَقَالَ اِبْن حِبَّان الْبُسْتِيّ لَا يَجُوز عِنْدِي الِاحْتِجَاج بِرِوَايَتِهِ كُلّهَا عَلَى حَال مِنْ الْأَحْوَال . وَقَالَ إِسْحَاق بْن مَنْصُور ثِقَة . وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ صَدُوق . وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيّ إِدْخَال اِسْمه فِي كِتَاب الضُّعَفَاء وَقَالَ يُحَوَّل مِنْهُ اِنْتَهَى قُلْت : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طُرُق كَثِيرَة لَيْسَ فِيهَا عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن .
( جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَر )
: فِيهِ دَلَالَة عَلَى جَوَاز وَعْظ الْوَاعِظ النَّاس جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَر , وَأَمَّا الْخُطْبَة يَوْم الْجُمُعَة فَلَا بُدّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْطُبهَا قَائِمًا
( وَهُوَ يَضْحَك )
: أَيْ يَتَبَسَّم ضَاحِكًا عَلَى عَادَته الشَّرِيفَة
( لِيَلْزَم )
: بِفَتْحِ الزَّاي
( كُلّ إِنْسَان مُصَلَّاهُ )
: أَيْ مَوْضِع صَلَاته فَلَا يَتَغَيَّر وَلَا يَتَقَدَّم وَلَا يَتَأَخَّر
( لِرَهْبَةٍ )
: أَيْ لِخَوْفٍ مِنْ عَدُوّ
( وَلَا رَغْبَة )
: أَيْ وَلَا لِأَمْرٍ مَرْغُوب فِيهِ مِنْ عَطَاء كَغَنِيمَةٍ
( أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيّ )
: أَيْ لِأَنَّ كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى جَدّ لَهُ اِسْمه الدَّار
( وَافَقَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ )
: أَيْ طَابَقَ الْحَدِيث الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ
( حَدَّثَنِي )
: قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا مَعْدُود فِي مَنَاقِب تَمِيم لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى عَنْهُ هَذِهِ الْقِصَّة , وَفِيهِ رِوَايَة الْفَاضِل عَنْ الْمَفْضُول وَرِوَايَة الْمَتْبُوع عَنْ تَابِعه , وَفِي قَبُول خَبَر الْوَاحِد
( فِي سَفِينَة بَحْرِيَّة )
: أَيْ لَا بَرِّيَّة اِحْتِرَازًا عَنْ الْإِبِل فَإِنَّهَا تُسَمَّى سَفِينَة الْبَرّ وَقِيلَ أَيْ مَرْكَبًا كَبِيرًا بَحْرِيًّا لَا زَوْرَقًا صَغِيرًا نَهَرِيًّا قَالَهُ الْقَارِي
( مِنْ لَخْم )
: بِفَتْحِ لَام وَسُكُون خَاء مُعْجَمَة مَصْرُوف وَقَدْ لَا يُصْرَف قَبِيلَة مَعْرُوفَة وَكَذَا قَوْله
( وَجُذَام )
: بِضَمِّ الْجِيم
( فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْج )
: أَيْ دَار بِهِمْ , وَاللَّعِب فِي الْأَصْل مَا لَا فَائِدَة فِيهِ مِنْ فِعْل أَوْ قَوْل فَاسْتُعِيرَ لِصَدِّ الْأَمْوَاج السُّفُن عَنْ صَوْب الْمَقْصِد وَتَحْوِيلهَا يَمِينًا وَشِمَالًا
( وَأَرْفَئُوا )
: أَيْ قَرَّبُوا السَّفِينَة قَالَ الْأَصْمَعِيّ أَرْفَأْت السَّفِينَة أُرْفِئُهَا إِرْفَاء , وَبَعْضهمْ يَقُول أُرْفِيهَا بِالْيَاءِ عَلَى الْإِبْدَال , وَهَذَا مَرْفَأ السُّفُن أَيْ الْمَوْضِع الَّذِي تُشَدّ إِلَيْهِ وَتُوقَف عِنْده كَذَا فِي الْمِرْقَاة
( فَجَلَسُوا )
: أَيْ بَعْدَمَا تَحَوَّلُوا مِنْ الْمَرْكَب الْكَبِير
( فِي أَقْرُب السَّفِينَة )
: بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَضَمّ الرَّاء جَمْع قَارِب بِكَسْرِ الرَّاء وَفَتْحه أَشْهَر وَأَكْثَر وَحُكِيَ ضَمّهَا وَهُوَ جَمْع عَلَى غَيْر قِيَاس وَالْقِيَاس قَوَارِب . قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : أَقْرُب السَّفِينَة هُوَ بِضَمِّ الرَّاء جَمْع قَارِب بِكَسْرِ الرَّاء وَفَتْحهَا وَهِيَ سَفِينَة صَغِيرَة يَكُون مَعَ الْكَبِيرَة كَالْجَنِيبَةِ يَتَصَرَّف فِيهَا رُكَّاب السَّفِينَة لِقَضَاءِ حَوَائِجهمْ
( فَدَخَلُوا الْجَزِيرَة )
: اللَّام لِلْعَهْدِ أَيْ فِي الْجَزِيرَة الَّتِي هُنَاكَ
( دَابَّة أَهْلَب )
: وَالْهُلْب الشَّعْر , وَقِيلَ مَا غَلُظَ مِنْ الشَّعْر , وَقِيلَ مَا كَثُرَ مِنْ شَعْر الذَّنَب وَإِنَّمَا ذَكَّرَهُ لِأَنَّ الدَّابَّة يُطْلَق عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض } كَذَا قَالُوا : وَالْأَظْهَر أَنَّهُ بِتَأْوِيلِ الْحَيَوَان قَالَهُ الْقَارِي .
قَالَ النَّوَوِيّ : الْأَهْلَب غَلِيظ الشَّعْر كَثِيره اِنْتَهَى
( كَثِيرَة الشَّعْر )
: صِفَة لِمَا قَبْله وَعَطْف بَيَان زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم ” لَا يَدْرُونَ مَا قُبُله مِنْ دُبُره مِنْ كَثْرَة الشَّعْر ”
( قَالُوا وَيْلَك )
: هِيَ كَلِمَة تَجْرِي مِنْ غَيْر قَصْد إِلَى مَعْنَاهُ وَقَدْ تَرِد لِلتَّعَجُّبِ وَلِلتَّفَجُّعِ .
قَالَ الْقَارِي : خَاطَبُوهَا مُخَاطَبَة الْمُتَعَجِّب الْمُتَفَجِّع
( أَنَا الْجَسَّاسَة )
: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَجَسُّسِهَا الْأَخْبَار لِلدَّجَّالِ
( فِي هَذَا الدَّيْر )
: بِفَتْحِ الدَّال وَسُكُون التَّحْتِيَّة أَيْ دَيْر النَّصَارَى , فَفِي الْمُغْرِب صَوْمَعَة الرَّاهِب , وَالْمُرَاد هُنَا الْقَصْر كَمَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي آخِر الْبَاب
( فَإِنَّهُ )
: أَيْ الرَّجُل الَّذِي فِي الدَّيْر
( إِلَى خَبَركُمْ )
: مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ
( بِالْأَشْوَاقِ )
: بِفَتْحِ الْهَمْزَة جَمْع شَوْق أَيْ كَثِير الشَّوْق وَعَظِيم الِاشْتِيَاق , وَالْبَاء لِلْإِلْصَاقِ .
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : أَيْ شَدِيد نِزَاع النَّفْس إِلَى مَا عِنْدكُمْ مِنْ الْخَبَر , حَتَّى كَأَنَّ الْأَشْوَاق مُلْصَقَة بِهِ أَوْ كَأَنَّهُ مُهْتَمّ بِهَا
( لَمَّا سَمَّتْ )
: أَيْ ذَكَرَتْ وَوَصَفَتْ
( فَرِقْنَا )
: بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ خِفْنَا
( مِنْهَا )
: أَيْ مِنْ الدَّابَّة
( أَنْ تَكُون شَيْطَانَة )
: أَيْ كَرَاهَة أَنْ تَكُون شَيْطَانَة . وَقَالَ الطِّيبِيّ رَحِمَهُ اللَّه : أَنْ تَكُون شَيْطَانَة بَدَل مِنْ الضَّمِير الْمَجْرُور
( سِرَاعًا )
: أَيْ حَال كَوْننَا مُسْرِعِينَ
( أَعْظَم إِنْسَان )
: أَيْ أَكْبَره جُثَّة أَوْ أَهْيَبه هَيْئَة
( رَأَيْنَاهُ )
: صِفَة إِنْسَان اِحْتِرَاز عَنْ مَنْ لَمْ يَرَوْهُ , وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْكَلَام فِي مَعْنَى مَا رَأَيْنَاهُ مِثْله صَحَّ قَوْله
( قَطُّ )
: الَّذِي يَخْتَصّ بِنَفْيِ الْمَاضِي وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَاف وَتَشْدِيد الطَّاء الْمَضْمُومَة فِي أَفْصَح اللُّغَات
( خَلْقًا )
: تَمْيِيز أَعْظَم
( وَأَشَدّه )
: أَيْ أَقْوَى إِنْسَان
( وَثَاقًا )
: بِفَتْحِ الْوَاو وَبِكَسْرٍ أَيْ قَيْدًا مِنْ السَّلَاسِل وَالْأَغْلَال
( مَجْمُوعَة )
: بِالرَّفْعِ أَيْ مَضْمُومَة
( فَذَكَرَ )
: أَيْ الرَّاوِي
( الْحَدِيث )
: بِطُولِهِ وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَذَكَرَهُ مُسْلِم بِطُولِهِ وَإِنْ شِئْت الِاطِّلَاع عَلَى مَا حَذَفَهُ أَبُو دَاوُدَ فَارْجِعْ إِلَى صَحِيح مُسْلِم
( وَسَأَلَهُمْ )
: الضَّمِير الْمَرْفُوع لِأَعْظَم إِنْسَان الَّذِي كَانَ فِي الدَّيْر
( عَنْ نَخْل بَيْسَان )
: بِفَتْحِ مُوَحَّدَة وَسُكُون تَحْتِيَّة وَهِيَ قَرْيَة بِالشَّامِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيّ رَحِمَهُ اللَّه قَرِيبَة مِنْ الْأُرْدُنّ ذَكَرَهُ اِبْن الْمَلَك . زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم هَلْ تُثْمِر قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّهَا تُوشِك أَنْ لَا تُثْمِر
( وَعَنْ عَيْن زُغَر )
: بِزَايٍ فَغَيْن مُعْجَمَتَيْنِ فَرَاء كَزُفَرَ بَلْدَة بِالشَّامِ قَلِيلَة النَّبَات , قِيلَ عَدَم صَرْفه لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيث لِأَنَّهُ فِي الْأَصْل اِسْم اِمْرَأَة ثُمَّ نُقِلَ , يَعْنِي لَيْسَ تَأْنِيثه بِاعْتِبَارِ الْبَلْدَة وَالْبُقْعَة فَإِنَّهُ قَدْ يُذَكَّر مِثْله وَيُصْرَف بِاعْتِبَارِ الْبَلَد وَالْمَكَان وَقَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه هِيَ بَلْدَة مَعْرُوفَة فِي الْجَانِب الْقِبْلِيّ مِنْ الشَّام اِنْتَهَى . وَزَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم هَلْ فِي الْعَيْن مَاء وَهَلْ يَزْرَع أَهْلهَا بِمَاءِ الْعَيْن ؟ قُلْنَا : نَعَمْ هِيَ كَثِيرَة الْمَاء وَأَهْلهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا
( قَالَ إِنِّي أَنَا الْمَسِيح )
: زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم ” الدَّجَّال ” وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ عَيْنه الْوَاحِدَة مَمْسُوحَة وَفِي تَسْمِيَته وُجُوه أُخَر
( وَإِنَّهُ فِي بَحْر الشَّام أَوْ بَحْر الْيَمَن لَا بَلْ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق مَا هُوَ )
: قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِي التَّذْكِرَة هُوَ شَكّ أَوْ ظَنّ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَصَدَ الْإِبْهَام عَلَى السَّامِع ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ وَأَضْرَبَ عَنْهُ بِالتَّحْقِيقِ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِمَا الزَّائِدَة وَالتَّكْرَار اللَّفْظِيّ , فَمَا زَائِدَة لَا نَافِيَة فَاعْلَمْ ذَلِكَ اِنْتَهَى .
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم . قَالَ الْقَاضِي : لَفْظَة ” مَا هُوَ ” زَائِدَة صِلَة لِلْكَلَامِ لَيْسَتْ بِنَافِيَةٍ , وَالْمُرَاد إِثْبَات أَنَّهُ فِي جِهَات الْمَشْرِق اِنْتَهَى .
وَفِي فَتْح الْوَدُود : قِيلَ هَذَا شَكّ أَوْ ظَنّ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَوْ قَصَدَ الْإِبْهَام عَلَى السَّامِع , ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ وَأَضْرَبَ عَنْهُ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق , ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَا هُوَ وَمَا زَائِدَة لَا نَافِيَة , وَالْمُرَاد إِثْبَات أَنَّهُ فِي جِهَة الْمَشْرِق . قِيلَ : يَجُوز أَنْ تَكُون مَوْصُولَة أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْمَشْرِق . قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنَّهَا نَافِيَة أَيْ مَا هُوَ إِلَّا فِيهِ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم اِنْتَهَى
( مَرَّتَيْنِ )
: وَلَفْظ مُسْلِم أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْر الشَّام أَوْ بَحْر الْيَمَن لَا بَلْ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق مَا هُوَ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق مَا هُوَ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ
( وَأَوْمَأَ )
: أَيْ أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَالَتْ )
: أَيْ فَاطِمَة بِنْت قَيْس .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم .
( مُحَمَّد بْن صُدْرَان )
: هُوَ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن صُدْرَان بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَالسُّكُون وَقَدْ يُنْسَب لِجَدِّهِ صَدُوق مِنْ الْعَاشِرَة
( عَنْ عَامِر )
: هُوَ الشَّعْبِيّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ
( لَمْ يَسْلَمْ )
: أَيْ مَا نَجَا
( مِنْهُمْ )
: أَيْ الْمُغْرَقِينَ مَعَهُ
( غَيْره )
: أَيْ غَيْر اِبْن صُدْرَان .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ . وَمُجَالِد بْن سَعِيد فِيهِ مَقَال , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث قَتَادَة بْن دِعَامَة عَنْ الشَّعْبِيّ بِنَحْوِهِ وَفِي أَلْفَاظه اِخْتِلَاف وَقَالَ حَسَن صَحِيح غَرِيب مِنْ حَدِيث قَتَادَة عَنْ الشَّعْبِيّ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْر وَاحِد . اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
( عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن )
: بْن عَوْف الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ ثِقَة
( عَنْ جَابِر )
: هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه قَالَهُ الْمُنْذِرِيّ
( فَنَفِدَ طَعَامهمْ )
: أَيْ نُفِيَ وَلَمْ يَبْقَ
( فَرُفِعَتْ لَهُمْ الْجَزِيرَة )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَالْمَعْنَى ظَهَرَتْ لَهُمْ
( فَخَرَجُوا )
: أَيْ إِلَى تِلْكَ الْجَزِيرَة
( الْخُبْز )
: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي وَبَيْنهمَا مُوَحَّدَة . وَفِي بَعْض النُّسَخ الْخَبَر بِالْخَاءِ وَالرَّاء بَيْنهمَا مُوَحَّدَة
( فَقُلْت لِأَبِي سَلَمَة )
: قَائِله وَلِيد بْن عَبْد اللَّه
( فِي هَذَا الْقَصْر )
: وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدِّمَة بِالدَّيْرِ
( فَقَالَ لِي اِبْن أَبِي سَلَمَة )
: هُوَ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة بْنِ عَبْد الرَّحْمَن وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلَمَة , وَالْقَائِل لِهَذِهِ الْمَقُولَة هُوَ الْوَلِيد
( قَالَ )
: أَيْ أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن
( شَهِدَ جَابِر )
: اِبْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
( أَنَّهُ )
: أَيْ الدَّجَّال
( قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَة )
: قَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي مِرْقَاة الصُّعُود : يَعْنِي عَدَم دُخُوله إِيَّاهَا إِنَّمَا هُوَ بَعْد خُرُوجه .
قَالَ الْحَافِظ عِمَاد الدِّين بْن كَثِير : قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : كَانَ بَعْض الصَّحَابَة يَظُنّ أَنَّ اِبْن الصَّيَّاد هُوَ الدَّجَّال الْأَكْبَر الْمَوْعُود آخِر الزَّمَان وَلَيْسَ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ دَجَّال صَغِير قَطْعًا لِحَدِيثِ فَاطِمَة بِنْت قَيْس .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي خَبَر فَاطِمَة إنَّ الدَّجَّال الْأَكْبَر غَيْر اِبْن الصَّيَّاد وَلَكِنَّهُ أَحَد الدَّجَاجِلَة الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُرُوجِهِمْ , وَقَدْ خَرَجَ أَكْثَرهمْ , فَكَأَنَّ مَنْ جَزَمُوا بِأَنَّهُ اِبْن الصَّيَّاد لَمْ يَسْمَعُوا بِقِصَّةِ تَمِيم , وَإِلَّا فَالْجَمْع بَيْنهمَا بَعِيد جِدًّا فَكَيْف يَلْتَئِم أَنْ يَكُون مَنْ كَانَ فِي أَثْنَاء الْحَيَاة النَّبَوِيَّة شِبْه الْمُحْتَلِم وَيَجْتَمِع بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَائِلهُ أَنْ يَكُون بِآخِرِهَا شَيْخًا مَسْجُونًا فِي جَزِيرَة مِنْ جَزَائِر الْبَحْر مُوثَقًا بِالْحَدِيدِ يَسْتَفْهِم فِي خَبَره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ خَرَجَ أَمْ لَا , فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَل عَلَى عَدَم الِاطِّلَاع .
وَأَمَّا قَوْل عُمَر فَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْل سَمَاعه قِصَّة تَمِيم فَلَمَّا سَمِعَهَا لَمْ يَعُدْ لِحَلِفِهِ الْمَذْكُور وَأَمَّا جَابِر فَشَهِدَ حَلِفه عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَصْحَبَ مَا كَانَ اِطَّلَعَ عَلَيْهِ عُمَر بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : فِي إِسْنَاده الْوَلِيد بْن عَبْد اللَّه بْن جُمَيْع الزُّهْرِيّ الْكُوفِيّ اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم فِي صَحِيحه . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد وَيَحْيَى بْن مَعِين : لَيْسَ بِهِ بَأْس . وَقَالَ عَمْرو بْن عَلِيّ : كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد لَا يُحَدِّثنَا عَنْ الْوَلِيد بْن جُمَيْع , فَلَمَّا كَانَ قَبْل وَفَاته بِقَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَنْهُ .
وَقَالَ مُحَمَّد بْن حِبَّان الْبُسْتِيّ : يَنْفَرِد عَنْ الثِّقَات بِمَا لَا يُشْبِه حَدِيث الثِّقَات فَلَمَّا تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهُ بَطَلَ الِاحْتِجَاج بِهِ . وَذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَر الْعُقَيْلِيّ فِي كِتَاب الضُّعَفَاء . وَقَالَ اِبْن عَدِيّ الْجُرْجَانِيّ : وَلِلْوَلِيدِ بْن جُمَيْع أَحَادِيث . وَرَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ جَابِر , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول عَنْهُ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ حَدِيث الْجَسَّاسَة بِطُولِهِ , وَلَا يَرْوِيه غَيْر الْوَلِيد بْن جُمَيْع . هَذَا خَبَر اِبْن صَائِد اِنْتَهَى .
قُلْت : اِبْن فُضَيْلٍ هُوَ مُحَمَّد بْن فُضَيْلِ بْن غَزْوَانَ الْكُوفِيّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْن مَعِين وَقَالَ النَّسَائِيُّ : لَيْسَ بِهِ بَأْس . وَقَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ : كَانَ ثِقَة ثَبْتًا فِي الْحَدِيث . وَأَمَّا شَيْخه الْوَلِيد بْن عَبْد اللَّه بْن جُمَيْع فَقَالَ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ : لَيْسَ بِهِ بَأْس . وَقَالَ اِبْن مَعِين : وَالْعِجْلِيّ ثِقَة . وَقَالَ أَبُو زُرْعَة : لَا بَأْس بِهِ . وَقَالَ أَبُو حَاتِم : صَالِح الْحَدِيث . وَقَالَ عَمْرو بْن عَلِيّ : كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد لَا يُحَدِّثنَا عَنْهُ . فَلَمَّا كَانَ قَبْل مَوْته بِقَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَنْهُ . وَذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات وَذَكَره أَيْضًا فِي الضُّعَفَاء . وَقَالَ : يَنْفَرِد عَنْ الْأَثْبَات بِمَا لَا يُشْبِه حَدِيث الثِّقَات , فَلَمَّا فَحُشَ ذَلِكَ مِنْهُ بَطَلَ الِاحْتِجَاج بِهِ . وَقَالَ اِبْن سَعْد : كَانَ ثِقَة لَهُ أَحَادِيث . وَقَالَ الْبَزَّار : اِحْتَمَلُوا حَدِيثه وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّع . وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ : فِي حَدِيثه اِضْطِرَاب . وَقَالَ الْحَاكِم : لَوْ لَمْ يُخْرِج لَهُ مُسْلِم لَكَانَ أَوْلَى . كَذَا فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب لِلْحَافِظِ اِبْن حَجَر رَحِمَهُ اللَّه . وَفِي التَّقْرِيب صَدُوق يَهِم وَرُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ اِنْتَهَى .
سنن ابن ماجه :: الفتن :: الملاحم :: في خبر ابن صائد
حدثنا أبو عاصم خشيش بن أصرم حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر
أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بابن صائد في نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وهو غلام فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال أتشهد أني رسول الله قال فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسله ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيك قال يأتيني صادق وكاذب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئة وخبأ له
{يوم تأتي السماء بدخان مبين }
قال ابن صياد هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن فلن تسلط عليه يعني الدجال وإلا يكن هو فلا خير في قتله
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( وَهُوَ )
: أَيْ اِبْن صَائِد وَالْوَاو لِلْحَالِ
( يَلْعَب مَعَ الْغِلْمَان )
: جَمْع الْغُلَام
( عِنْد أُطُم بَنِي مَغَالَة )
: قَالَ النَّوَوِيّ : الْمَغَالَة بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة .
قَالَ الْقَاضِي : وَبَنُو مَغَالَة كُلّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينك إِذَا وَقَفْت آخِر الْبَلَاط مُسْتَقْبِل مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْأُطُم بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالطَّاء هُوَ الْحِصْن جَمْعه آطَام اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْقَارِي : بِفَتْحِ الْمِيم وَبِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَنُقِلَ بِالضَّمِّ وَالْمُهْمَلَة وَهُوَ قَبِيلَة وَالْأُطُم الْقَصْر وَكُلّ حِصْن مَبْنِيّ بِحِجَارَةٍ وَكُلّ بَيْت مُرَبَّع مُسَطَّح الْجَمْع آطَام وَأُطُوم كَذَا فِي الْقَامُوس .
وَقَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : الْمَشْهُور مَغَالَة بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة اِنْتَهَى
( فَلَمْ يَشْعُر )
: بِضَمِّ الْعَيْن أَيْ لَمْ يَدْرِ اِبْن الصَّيَّاد , مُرُوره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَإِتْيَانه لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ عَلَى غَفْلَة مِنْهُ
( ظَهْره )
: أَيْ ظَهْر اِبْن صَيَّاد
( بِيَدِهِ )
: أَيْ الْكَرِيمَة
( ثُمَّ قَالَ )
: أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( فَقَالَ )
: أَيْ اِبْن صَيَّاد
( أَنَّك رَسُول الْأُمِّيِّينَ )
: قَالَ الْقَاضِي : يُرِيد بِهِمْ الْعَرَب لِأَنَّ أَكْثَرهمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَقْرَءُونَ . وَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مِنْ قِبَل الْمَنْطُوق لَكِنَّهُ يُشْعِر بِبَاطِلٍ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُوم وَهُوَ أَنَّهُ مَخْصُوص بِالْعَرَبِ غَيْر مَبْعُوث إِلَى الْعَجَم كَمَا زَعَمَهُ بَعْض الْيَهُود وَهُوَ إِنْ قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَة مَا يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَاذِب الَّذِي يَأْتِيه وَهُوَ شَيْطَانه اِنْتَهَى . كَذَا فِي الْمِرْقَاة
( ثُمَّ قَالَ اِبْن صَيَّاد لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه )
: زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ فَرَفَضَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ النَّوَوِيّ : أَيْ تَرَكَ سُؤَاله الْإِسْلَام لِيَأْسِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي سُؤَاله عَمَّا يَرَى . وَفِي الْمِشْكَاة فَرَصَّهُ بِتَشْدِيدِ الصَّاد الْمُهْمَلَة . قَالَ الْقَارِي : أَيْ ضَغَطَهُ حَتَّى ضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض اِنْتَهَى
( فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْت بِاَللَّهِ وَرُسُله )
: فَإِنْ قِيلَ كَيْف لَمْ يَقْتُلهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ اِدَّعَى بِحَضْرَتِهِ النُّبُوَّة ؟ فَالْجَوَاب مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُ كَانَ غَيْر بَالِغ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّام مُهَادَنَة الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ .
وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن بِهَذَا الْجَوَاب الثَّانِي . قَالَ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة إِنَّمَا جَرَتْ مَعَهُ أَيَّام مُهَادَنَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْد مَقْدَمِهِ الْمَدِينَة كَتَبَ بَيْنه وَبَيْن الْيَهُود كِتَابًا وَصَالَحَهُمْ فِيهِ عَلَى أَنْ لَا يُهَاجِمُوا وَيَتْرُكُوا أَمْرهمْ وَكَانَ اِبْن صَيَّاد مِنْهُمْ أَوْ دَخِيلًا فِي جُمْلَتهمْ , وَكَانَ يَبْلُغ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَره وَمَا يَدَّعِيه مِنْ الْكِهَانَة وَيَتَعَاطَاهُ مِنْ الْغَيْب فَامْتَحَنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِيَرُوزَ أَمْره وَيَخْبُر شَأْنه , فَلَمَّا كَلَّمَهُ عَلِمَ أَنَّهُ مُبْطِل وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَة السَّحَرَة أَوْ الْكَهَنَة أَوْ مِمَّنْ يَأْتِيه رِئْي مِنْ الْجِنّ أَوْ يَتَعَاهَدهُ شَيْطَان فَيُلْقِي عَلَى لِسَانه بَعْض مَا يَتَكَلَّم اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا .
( مَا يَأْتِيك )
: أَيْ مِنْ أَخْبَار الْغَيْب وَنَحْوه
( قَالَ )
: أَيْ اِبْن صَيَّاد
( صَادِق )
: أَيْ خَبَر صَادِق
( وَكَاذِب )
: أَيْ خَبَر كَاذِب .
قَالَ الْقَارِي : وَقِيلَ حَاصِل السُّؤَال أَنَّ الَّذِي يَأْتِيك مَا يَقُول لَك , وَمُجْمَل الْجَوَاب أَنَّهُ يُحَدِّثنِي بِشَيْءٍ قَدْ يَكُون صَادِقًا وَقَدْ يَكُون كَاذِبًا
( خُلِّطَ عَلَيْك الْأَمْر )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول مُشَدَّدًا لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِير وَيَجُوز تَخْفِيفه أَيْ شُبِّهَ عَلَيْك الْأَمْر أَيْ الْكَذِب بِالصِّدْقِ .
قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : أَيْ مَا يَأْتِيك بِهِ شَيْطَانك مُخَلَّط .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ تَارَات يُصِيب فِي بَعْضهَا وَيُخْطِئ فِي بَعْضهَا فَلِذَلِكَ اِلْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْر
( قَدْ خَبَّأْت لَك )
: أَيْ أَضْمَرْت لَك فِي نَفْسِي
( خَبِيئَة )
: أَيْ كَلِمَة مُضْمَرَة لِتُخْبِرنِي بِهَا
( هُوَ الدُّخّ )
: قَالَ النَّوَوِيّ : هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَتَشْدِيد الْخَاء وَهِيَ لُغَة فِي الدُّخَان , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالدُّخِّ هُنَا الدُّخَان وَأَنَّهَا لُغَة فِيهِ , وَخَالَفَهُمْ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ لَا مَعْنَى لِلدُّخَانِ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُخَبَّأ فِي كَفّ أَوْ كُمّ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنَى خَبَّأْت أَضْمَرْت لَك اِسْم الدُّخَان فَيَجُوز , وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ لَهُ آيَة الدُّخَان وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : { فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين } . قَالَ الْقَاضِي : وَأَصَحّ الْأَقْوَال أَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ الْآيَة الَّتِي أَضْمَرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِهَذَا اللَّفْظ النَّاقِص عَلَى عَادَة الْكُهَّان . إِذَا أَلْقَى الشَّيْطَان إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يَخْطِف قَبْل أَنْ يُدْرِكهُ الشِّهَاب اِنْتَهَى
( اِخْسَأْ )
: بِفَتْحِ السِّين وَسُكُون الْهَمْزَة كَلِمَة تُسْتَعْمَل عِنْد طَرْد الْكَلْب مِنْ الْخُسُوء وَهُوَ زَجْر الْكَلْب
( فَلَنْ تَعْدُوَ )
: بِضَمِّ الدَّال أَيْ فَلَنْ تُجَاوِز
( قَدْرك )
: أَيْ الْقَدْر الَّذِي يُدْرِكهُ الْكُهَّان مِنْ الِاهْتِدَاء إِلَى بَعْض الشَّيْء قَالَهُ النَّوَوِيّ : وَقَالَ الطِّيبِيّ : أَيْ لَا تَتَجَاوَز عَنْ إِظْهَار الْخَبِيئَات عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا هُوَ دَأْب الْكَهَنَة إِلَى دَعْوَى النُّبُوَّة فَتَقُول أَتَشَهَد أَنِّي رَسُول اللَّه
( إِنْ يَكُنْ )
: أَيْ إِنْ يَكُنْ هَذَا دَجَّالًا
( فَلَنْ تُسَلَّط عَلَيْهِ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ لَا تَقْدِر
( يَعْنِي الدَّجَّال )
: هَذَا تَفْسِير لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُور فِي قَوْله عَلَيْهِ مِنْ بَعْض الرُّوَاة
( وَإِنْ لَا يَكُنْ هُوَ )
: لَيْسَ فِي بَعْض النُّسَخ لَفْظ هُوَ , وَهُوَ خَبَر كَانَ وَاسْمه مُسْتَكِنّ فِيهِ وَكَانَ حَقّه أَنْ يُكِنّهُ فَوَضَعَ الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوْضِع الْمَنْصُوب الْمُتَّصِل عَكْس قَوْلهمْ لَوْلَاهُ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون تَأْكِيدًا لِلْمُسْتَكِنِّ وَالْخَبَر مَحْذُوفًا عَلَى تَقْدِير إِنْ لَا يَكُنْ هُوَ الدَّجَّال
( فَلَا خَيْر فِي قَتْله )
: أَيْ لِكَوْنِهِ صَغِيرًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ كَوْن كَلَامه مُحْتَمِلًا فِيهِ أَقْوَال وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّه جَزَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ خَبَّأَ لَهُ ( يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين ) : وَالْإِسْنَاد الَّذِي خَرَّجَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ رِجَاله ثِقَات .
سنن ابن ماجه :: الفتن :: الملاحم :: في خبر ابن صائد
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن نافع قال
كان ابن عمر يقول والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( مَا أَشُكّ )
: أَيْ لَا أَتَرَدَّد
( أَنَّ الْمَسِيح الدَّجَّال اِبْن صَيَّاد )
: أَيْ هُوَ هُوَ .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
سنن ابن ماجه :: الفتن :: الملاحم :: في خبر ابن صائد
حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبيد الله يعني ابن موسى حدثنا شيبان عن الأعمش عن سالم عن جابر قال
فقدنا ابن صياد يوم الحرة
عون المعبود شرح سنن أبي داود
( سَالِم )
: هُوَ اِبْن أَبِي الْجَعْد
( جَابِر )
: هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه
( فَقَدْنَا اِبْن صَيَّاد يَوْم الْحَرَّة )
: هُوَ يَوْم غَلَبَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة عَلَى أَهْل الْمَدِينَة وَمُحَارَبَته إِيَّاهُمْ , وَهَذَا يُخَالِف مَا فِي رِوَايَة جَابِر الْمُتَقَدِّمَة مِنْ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ . قَالَ الْقَارِي نَقْلًا عَنْ الطِّيبِيّ : قِيلَ هَذَا يُخَالِف رِوَايَة مَنْ رَوَى أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ قَالَ وَهُوَ مُخَالِف إِذْ يَلْزَم مِنْ فَقْده الْمُحْتَمَل مَوْته بِهَا وَبِغَيْرِهَا وَكَذَا بَقَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى حِين خُرُوجه عَدَم جَزْم مَوْته بِالْمَدِينَةِ اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي الْفَتْح بَعْد ذِكْر أَثَر جَابِر هَذَا : وَهَذَا يُضْعِف مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ وَكَشَفُوا عَنْ وَجْهه .
وَأَثَر جَابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي الْفَتْح .
سنن الدارمي :: الأضاحي :: من ضحى بشاة عن أهله
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك حدثني الضحاك بن عثمان عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن عطاء بن يسار قال
سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ثم تباهى الناس فصار كما ترى
شرح سنن ابن ماجه للسندي
قَوْله ( فَصَارَ )
أَيْ الْأَمْر كَمَا تَرَى أَنْ يُكْثِرْنَ الضَّحَايَا وَيَفْتَخِرْنَ بِهَا وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيق فِقْهه .
مسند أحمد :: مسند المكثرين من الصحابة :: مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال
كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بابن صياد فقال إني قد خبأت لك خبئا قال ابن صياد دخ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنقه قال لا إن يكن الذي نخاف فلن تستطيع قتله
مسند أحمد :: مسند المكثرين من الصحابة :: مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
حدثنا يونس حدثنا المعتمر عن أبيه عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمشي إذ مر بصبيان يلعبون فيهم ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تربت يداك أتشهد أني رسول الله فقال هو أتشهد أني رسول الله قال فقال عمر رضي الله تعالى عنه دعني فلأضرب عنقه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يك الذي تخاف فلن تستطيعه
مسند أحمد :: باقي مسند المكثرين :: باقي المسند السابق
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بابن صياد في نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وهو غلام فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بالله وبرسله قال النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيك قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط لك الأمر ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا وخبأ له
{يوم تأتي السماء بدخان مبين }
فقال ابن صياد هو الدخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن لا يكن هو فلا خير لك في قتله
حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ابن صياد فذكره حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه رهط من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب حتى وجد ابن صياد غلاما قد ناهز الحلم يلعب مع الغلمان عند أطم بني معاوية فذكر معناه
مسند أحمد :: باقي مسند المكثرين :: باقي المسند السابق
حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم أو عن غير واحد قال قال ابن عمر
انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بن كعب يأتيان النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخلا النخل طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل ابن صياد أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها زمزمة قال فرأت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت أي صاف وهو اسمه هذا محمد فثار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين
حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله سمعت عبد الله بن عمر يقول انطلق بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبي بن كعب يؤمان النخل فذكر الحديث
مسند أحمد :: باقي مسند المكثرين :: مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه
حدثنا عبد المتعال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي حدثنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال
ذكر ابن صياد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر إنه يزعم أنه لا يمر بشيء إلا كلمه
مسند أحمد :: باقي مسند المكثرين :: مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه
حدثنا أبو نعيم حدثنا الوليد يعني ابن عبد الله بن جميع قال أخبرني أبو سلمة عن أبي سعيد الخدري قال
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن صياد وهو يلعب مع الغلمان قال أتشهد أني رسول الله قال هو أتشهد أني رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك خبيئا قال دخ قال اخسأ فلن تعدو قدرك
مسند أحمد :: أول مسند البصريين :: حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة رضي الله تعالى
50662
حدثنا يزيد أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه ثم نعت أبويه فقال أبوه رجل طوال مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار وأمه امرأة فرضاخية عظيمة الثديين قال فبلغنا أن مولودا من اليهود ولد بالمدينة قال فانطلقت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فرأينا فيهما نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة له همهمة فسألنا أبويه فقالا مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ثم ولد لنا غلام أعور أضر شيء وأقله نفعا فلما خرجنا مررنا به فقال ما كنتما فيه قلنا وسمعت قال نعم إنه تنام عيناي ولا ينام قلبي فإذا هو ابن صياد
مسند أحمد :: أول مسند البصريين :: حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة رضي الله تعالى
50735
حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد ثم يولد لهما غلام أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه ثم نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه فقال أبوه رجل طوال ضرب اللحم كأن أنفه منقار وأمه امرأة فرضاخية طويلة الثديين قال أبو بكرة فسمعنا بمولود ولد في اليهود بالمدينة فذهبت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فإذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما فقلنا هل لكما ولد فقالا مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ولد ثم ولد لنا غلام أعور أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه فخرجنا من عندهما فإذا الغلام منجدل في قطيفة في الشمس له همهمة قال فكشفت عن رأسه فقال ما قلتما قلنا وهل سمعت قال نعم إنه تنام عيناي ولا ينام قلبي
قال حماد وهو ابن صياد
موطأ مالك :: الجنائز :: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي
1281
حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره
أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد الحلم فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال لابن صياد تشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فرفضه وقال آمنت بالله وبرسله فقال له ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا فقال ابن صياد هو الدخ فقال اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله وقال سالم سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع يعني في قطيفة له فيها رمزة أو زمرة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد صلى الله عليه وسلم فثار ابن صياد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو تركته بين وقال شعيب في حديثه فرفصه رمرمة أو زمزمة وقال إسحاق الكلبي وعقيل رمرمة وقال معمر رمزة
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
حَدِيث اِبْن عُمَر فِي قِصَّة اِبْن صَيَّاد وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْبَاب الْمُشَار إِلَيْهِ فِي الْجِهَاد , وَمَقْصُود الْبُخَارِيّ مِنْهُ الِاسْتِدْلَال هُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَيَّاد ” أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه ” ؟ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ دُون الْبُلُوغ
قَوْله : ” أُطُم ”
بِضَمَّتَيْنِ بِنَاء كَالْحِصْنِ .
وَ ” مَغَالَة ”
بِفَتْحِ الْمِيم وَالْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة بَطْن مِنْ الْأَنْصَار , وَابْن صَيَّاد فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ صَائِد وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ كَانَ يُدْعَى بِهِ , وَقَوْله ” فَرَفَضَهُ ” لِلْأَكْثَرِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة أَيْ تَرَكَهُ , قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : أَنْكَرَهَا الْقَاضِي . وَلِبَعْضِهِمْ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ دَفَعَهُ بِرِجْلِهِ , قَالَ عِيَاض : كَذَا فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ غَيْر الْمُسْتَمْلِي وَلَا وَجْه لَهَا . قَالَ الْمَازِرِيّ : لَعَلَّهُ رَفْسه بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة أَيْ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ , قَالَ عِيَاض : لَمْ أَجِد هَذِهِ اللَّفْظَة فِي جَمَاهِير اللُّغَة يَعْنِي بِالصَّادِ , قَالَ : وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ بِالْقَافِ بَدَل الْفَاء , وَفِي رِوَايَة عَبْدُوس ” فَوَقَصَهُ ” بِالْوَاوِ وَالْقَاف , وَقَوْله ” وَهُوَ يَخْتِل ” بِمُعْجَمَةِ سَاكِنَة بَعْدهَا مُثَنَّاة مَكْسُورَة أَيْ يَخْدَعهُ , وَالْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يُرِيد أَنْ يَسْتَغْفِلهُ لِيَسْمَع كَلَامه وَهُوَ لَا يَشْعُر .
قَوْله : ( لَهُ فِيهَا رُمْزَة أَوْ زُمْرَة )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الشَّكّ فِي تَقْدِيم الرَّاء عَلَى الزَّاي أَوْ تَأْخِيرهَا , وَلِبَعْضِهِمْ ” زَمْزَمَة أَوْ رَمْرَمَة ” عَلَى الشَّكّ هَلْ هُوَ بِزَايَيْنِ أَوْ بِرَاءَيْنِ مَعَ زِيَادَة مِيم فِيهِمَا , وَمَعَانِي هَذِهِ الْكَلِمَات الْمُخْتَلِفَة مُتَقَارِبَة , فَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الرَّاء وَمِيم وَاحِدَة فَهِيَ فُعْلَة مِنْ الرَّمْز وَهُوَ الْإِشَارَة , وَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الزَّاي كَذَلِكَ فَمِنْ الزُّمَر وَالْمُرَاد حِكَايَة صَوْته , وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَمِيمَيْنِ فَأَصْله مِنْ الْحَرَكَة وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الصَّوْت الْخَفِيّ , وَأَمَّا الَّتِي بِالْمُعْجَمَتَيْنِ كَذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ تَحْرِيك الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلَامِ , وَقَالَ غَيْره : وَهُوَ كَلَام الْعُلُوج وَهُوَ صَوْت يُصَوَّت مِنْ الْخَيَاشِيم وَالْحَلْق .
قَوْله : ( فَثَارَ اِبْن صَيَّاد )
أَيْ قَامَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْكُشْمِيهَنيّ ” فَثَابَ ” بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ رَجَعَ عَنْ الْحَالَة الَّتِي كَانَ فِيهَا .
قَوْله : ( وَقَالَ شُعَيْب زَمْزَمَهُ فَرَفَصَهُ )
فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ بِالزَّايَيْنِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَة , وَفِي رِوَايَة غَيْره ” وَقَالَ شُعَيْب فِي حَدِيثه فَرَفَصَهُ زَمْزَمَهُ أَوْ رَمْرَمَهُ ” بِالشَّكِّ . وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَب مَوْصُولًا مِنْ هَذَا الْوَجْه بِالشَّكِّ , لَكِنْ فِيهِ ” فَرَصَّهُ ” بِغَيْرِ فَاءَ وَبِالتَّشْدِيدِ , وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبه بِمُهْمَلَةٍ أَيْ ضَغَطَهُ وَضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض .
قَوْله : ( وَقَالَ إِسْحَاق الْكَلْبِيّ وَعُقَيْل رَمْرَمَهُ )
يَعْنِي بِمُهْمَلَتَيْنِ
( وَقَالَ مَعْمَر رُمْزَة )
يَعْنِي بِرَاءٍ ثُمَّ زَاي , أَمَّا رِوَايَة إِسْحَاق فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّات وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والْكُشْمِيهَنِيّ وَأَبِي الْوَقْت , وَأَمَّا رِوَايَة عُقَيْل فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّف فِي الْجِهَاد وَكَذَا رِوَايَة مَعْمَر .
صحيح البخاري :: الشهادات :: شهادة المختبي
2492
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال سالم سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول
انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري يؤمان النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمرمة أو زمزمة فرأت أم ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد أي صاف هذا محمد فتناهى ابن صياد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
حَدِيث اِبْن عُمَر فِي قِصَّةِ اِبْنِ صَيَّادٍ وَسَيَأْتِي اَلْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ اَلْفِتَن , وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ : ” وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ اِبْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ”
وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ : ” لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ ”
فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اَلِاعْتِمَادَ عَلَى سَمَاعِ اَلْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ اَلسَّامِع مُحْتَجِبًا عَنْ اَلْمُتَكَلِّمِ إِذَا عَرَفَ اَلصَّوْتَ ,
وَقَوْلُهُ : ” يَخْتِلُ ”
بِفَتْح أَوَّلِهِ وَسُكُون اَلْمُعْجَمَة وَكَسْر اَلْمُثَنَّاة أَيْ يَطْلُبُ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ
صحيح البخاري :: الجهاد والسير
2868
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرته قال الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبي بن كعب قبل ابن صياد فحدث به في نخل فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وابن صياد في قطيفة له فيها رمرمة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا صاف هذا محمد فوثب ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( بَاب مَا يَجُوز مِنْ الِاحْتِيَال وَالْحَذَر مَعَ مَنْ يُخْشَى مَعَرَّته )
بِفَتْحِ الْمِيم وَالْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الرَّاء أَيْ شَرّه وَفَسَاده .
قَوْله : ( وَقَالَ اللَّيْث إِلَى آخِره )
وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن بَكِير وَأَبِي صَالِح كِلَاهُمَا عَنْ اللَّيْث وَقَدْ عَلَّقَ الْمُصَنِّف طَرَفًا مِنْهُ فِي أَوَاخِر الْجَنَائِز كَمَا مَضَى , وَسَيَأْتِي شَرْحه قَرِيبًا بَعْد سِتَّة عَشَر بَابًا .
صحيح البخاري :: الجهاد والسير :: كيف يعرض الإسلام على الصبي
2889
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أخبره
أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة وقد قارب يومئذ ابن صياد يحتلم فلم يشعر بشيء حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله قال له النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسله قال النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب قال النبي صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر قال النبي صلى الله عليه وسلم إني قد خبأت لك خبيئا قال ابن صياد هو الدخ قال النبي صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك قال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه قال النبي صلى الله عليه وسلم إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( أَنَّ عُمَر اِنْطَلَقَ إِلَخْ )
هَذَا الْحَدِيث فِيهِ ثَلَاث قِصَص أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّف تَامَّة : فِي الْجَنَائِز مِنْ طَرِيق يُونُس , وَهُنَا مِنْ طَرِيق مَعْمَر , وَفِي الْأَدَب مِنْ طَرِيق شُعَيْب , وَاقْتَصَرَ فِي الشَّهَادَات عَلَى الثَّانِيَة , وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِيمَا مَضَى مِنْ الْجِهَاد مِنْ وَجْه آخَر , وَاقْتَصَرَ فِي الْفِتَن عَلَى الثَّالِثَة , وَقَدْ مَضَى شَرْح أَكْثَر مُفْرَدَاته فِي الْجَنَائِز .
وَقَوْله ” قِبَل اِبْن صَيَّاد ”
بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْمُوَحَّدَة أَيْ إِلَى جِهَته ,
وَقَوْله ( وَقَدْ قَارَبَ اِبْن صَيَّاد يَوْمئِذٍ يَحْتَلِم )
فِي رِوَايَة يُونُس وَشُعَيْب ” وَقَدْ قَارَبَ اِبْن صَيَّاد الْحُلُم ” وَلَمْ يَقَع ذَلِكَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَاعْتَرَضَ بِهِ فَقَالَ : لَا يَلْزَم مِنْ كَوْنه غُلَامًا أَنْ يَكُون لَمْ يَحْتَلِم .
قَوْله : ( أَشْهَد أَنَّك رَسُول الْأُمِّيِّينَ )
فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ الْيَهُود الَّذِينَ كَانَ اِبْن صَيَّاد مِنْهُمْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِبَعْثَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنْ يَدَّعُونَ أَنَّهَا مَخْصُوصَة بِالْعَرَبِ , وَفَسَاد حُجَّتهمْ وَاضِح جِدًّا , لِأَنَّهُمْ إِذَا أَقَرُّوا بِأَنَّهُ رَسُول اللَّه اِسْتَحَالَ أَنْ يَكْذِب عَلَى اللَّه , فَإِذَا اِدَّعَى أَنَّهُ رَسُوله إِلَى الْعَرَب وَإِلَى غَيْرهَا تَعَيَّنَ صِدْقه , فَوَجَبَ تَصْدِيقه .
قَوْله : ( فَقَالَ اِبْن صَيَّاد أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه )
فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد التِّرْمِذِيّ ” فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنِّي رَسُول اللَّه ” .
قَوْله : ( قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْت بِاللَّهِ وَرُسُله )
وَلِلْمُسْتَمْلِيّ ” وَرَسُوله ” بِالْإِفْرَادِ , وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد ” آمَنْت بِاللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر ” قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير , إِنَّمَا عَرَضَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَام عَلَى اِبْن صَيَّاد بِنَاء عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الدَّجَّال الْمُحَذَّر مِنْهُ . قُلْت : وَلَا يَتَعَيَّن ذَلِكَ , بَلْ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ أَمْره كَانَ مُحْتَمَلًا فَأَرَادَ اِخْتِبَاره بِذَلِكَ فَإِنْ أَجَابَ غَلَبَ تَرْجِيح أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ , وَإِنْ لَمْ يُجِبْ تَمَادِي الِاحْتِمَال , أَوْ أَرَادَ بِاسْتِنْطَاقِهِ إِظْهَار كَذِبه الْمُنَافِي لِدَعْوَى النُّبُوَّة , وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَاد أَجَابَهُ بِجَوَابٍ مُنْصِف فَقَالَ ” آمَنْت بِاللَّهِ وَرُسُله ” . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَانَ اِبْن صَيَّاد عَلَى طَرِيقَة الْكَهَنَة يُخْبِر بِالْخَبَرِ فَيَصِحّ تَارَة وَيَفْسُد أُخْرَى , فَشَاعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِل فِي شَأْنه وَحَيّ , فَأَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلُوك طَرِيقَة يَخْتَبِر حَاله بِهَا , أَيْ فَهُوَ السَّبَب فِي اِنْطِلَاق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ , وَقَدْ رَوَى أَحَد مِنْ حَدِيث جَابِر قَالَ ” وَلَدَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْيَهُود غُلَامًا مَمْسُوحَة عَيْنه , وَالْأُخْرَى طَالِعَة نَاتِئَة , فَأَشْفَقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُون هُوَ الدَّجَّال ” . وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَة مَرْفُوعًا ” يَمْكُث أَبُو الدَّجَّال وَأُمّه ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَد لَهُمَا ثُمَّ يُولَد لَهُمَا غُلَام أَضَرّ شَيْء وَأَقَلّه مَنْفَعَة , قَالَ وَنَعَتَهُمَا فَقَالَ : أَمَّا أَبُوهُ فَطَوِيل ضَرْب اللَّحْم كَأَنَّ أَنْفه مِنْقَار , وَأَمَّا أُمّه فَرْضَاخِيَّةٌ ” أَيْ بِفَاءِ مَفْتُوحَة وَرَاء سَاكِنَة وَبِمُعْجَمَتَيْنِ , وَالْمَعْنَى أَنَّهَا ضَخْمَة طَوِيلَة الْيَدَيْنِ ” قَالَ فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ بِتِلْكَ الصِّفَة , فَذَهَبْت أَنَا وَالزُّبَيْر بْن الْعَوَّام حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ – يَعْنِي اِبْن صَيَّاد – فَإِذَا هُمَا بِتِلْكَ الصِّفَة ” وَلِأَحْمَد وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ قَالَ ” بَعَثَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمّه فَقَالَ : سَلْهَا كَمْ حَمَلَتْ بِهِ ؟ فَقَالَتْ حَمَلْت بِهِ اِثَّنَى عَشَر شَهْرًا , فَلَمَّا وَقَعَ صَاحَ صِيَاح الصَّبِيّ اِبْن شَهْر ” اِنْتَهَى , فَكَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْل فِي إِرَادَة اِسْتِكْشَاف أَمْره .
قَوْله : ( مَاذَا تَرَى قَالَ اِبْن صَيَّاد يَأْتِينِي صَادِق وَكَاذِب )
فِي حَدِيث جَابِر عِنْد التِّرْمِذِيّ وَنَحْوه لِمُسْلِمِ ” فَقَالَ أَرَى حَقًّا وَبَاطِلًا , وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاء ” وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْده ” أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِبًا ” وَلِأَحْمَد ” أَرَى عَرْشًا عَلَى الْبَحْر حَوْله الْحِيتَان ” .
قَوْله : ( قَالَ لُبِسَ )
بِضَمِّ اللَّام وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة الْمَكْسُورَة بَعْدهَا مُهْمَلَة أَيْ خُلِطَ , وَفِي حَدِيث أَبِي الطُّفَيْل عِنْد أَحْمَد فَقَالَ ” تَعُوذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرّ هَذَا ” .
قَوْله : ( إِنِّي قَدْ خَبَّأْت لَك خِبْئًا )
بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَبِفَتْحِهَا وَسُكُون الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا هَمْز , وَبِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَكَسْر الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ هَمْز أَيْ أَخْفَيْت لَك شَيْئًا .
قَوْله : ( هُوَ الدُّخّ )
بِضَمِّ الْمُهْمَلَة بَعْدهَا مُعْجَمَة , وَحَكَى صَاحِب الْمُحْكَم الْفَتْح , وَوَقَعَ عِنْد الْحَاكِم ” الزَّخّ ” بِفَتْحِ الزَّاي بَدَل الدَّالّ وَفَسَّرَهُ بِالْجِمَاعِ , وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّة عَلَى تَغْلِيظه فِي ذَلِكَ , وَيَرُدّهُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ الْمَذْكُور ” فَأَرَادَ أَنْ يَقُول الدُّخَان فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ الدُّخّ ” , وَلِلْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي ” الْأَوْسَط ” مِنْ حَدِيث زَيْد اِبْن حَارِثَة قَالَ ” كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّأَ لَهُ سُورَة الدُّخَّان ” وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّورَة وَأَرَادَ بَعْضهَا , فَإِنَّ عِنْد أَحْمَد عَنْ عَبْد الرَّزَّاق فِي حَدِيث الْبَاب ” وَخَبَّأْت لَهُ : يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِينٍ ” وَأَمَّا جَوَاب اِبْن صَيَّاد بِالدُّخِّ فَقِيلَ إِنَّهُ اِنْدَهَشَ فَلَمْ يَقَع مِنْ لَفْظ الدُّخَان إِلَّا عَلَى بَعْضه , وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْآيَة حِينَئِذٍ كَانَتْ مَكْتُوبَة فِي يَد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَهْتَدِ اِبْن صَيَّاد مِنْهَا إِلَّا لِهَذَا الْقَدْر النَّاقِص عَلَى طَرِيقَة الْكَهَنَة , وَلِهَذَا قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” لَنْ تَعْدُو قَدْرك ” أَيْ قَدْر مِثْلك مِنْ الْكُهَّان الَّذِينَ يَحْفَظُونَ مِنْ إِلْقَاء شَيَاطِينهمْ مَا يَحْفَظُونَهُ مُخْتَلَطًا صِدْقه بِكَذِبِهِ . وَحَكَى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ أَنَّ السِّرّ فِي اِمْتِحَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِهَذِهِ الْآيَة الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ عِيسَى ابْن مَرْيَم يَقْتُل الدَّجَّال بِجَبَلِ الدُّخَّان , فَأَرَادَ التَّعْرِيض , لِابْنِ الصَّيَّاد بِذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ الْخَطَّابِيُّ مَا تَقَدَّمَ وَصَوَّبَ أَنَّهُ أَخَبَأَ لَهُ الدُّخّ وَهُوَ نَبْت يَكُون بَيْن الْبَسَاتِين , وَسَبَب اِسْتِبْعَاده لَهُ أَنَّ الدُّخَان لَا يُخَبَّأ فِي الْيَد وَلَا الْكُمّ . ثُمَّ قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُون خَبَّأَ لَهُ اِسْم الدُّخَان فِي ضَمِيره , وَعَلَى هَذَا فَيُقَال : كَيْف اِطَّلَعَ اِبْن صَيَّاد أَوْ شَيْطَانه عَلَى مَا فِي الضَّمِير ؟ وَيُمْكِن أَنْ يُجَاب بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَدَّثَ مَعَ نَفْسه أَوْ أَصْحَابه بِذَلِكَ قَبْل أَنْ يَخْتَبِرهُ فَاسْتَرَقَ الشَّيْطَان ذَلِكَ أَوْ بَعْضه .
قَوْله : ( اِخْسَأْ )
سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا فِي كِتَاب الْأَدَب فِي بَابٍ مُفْرَدٍ .
قَوْله : ( فَلَنْ تَعْدُو قَدْرك )
أَيْ لَنْ تُجَاوِز مَا قَدَّرَ اللَّه فِيك أَوْ مِقْدَار أَمْثَالك مِنْ الْكُهَّان . قَالَ الْعُلَمَاء : اِسْتَكْشَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْره لِيُبَيِّن لِأَصْحَابِهِ تَمْوِيهه لِئَلَّا يَلْتَبِس حَاله عَلَى ضَعِيف لَمْ يَتَمَكَّن فِي الْإِسْلَام وَمُحَصِّل مَا أَجَابَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ عَلَى طَرِيق الْفَرْض وَالتَّنَزُّل : إِنْ كُنْت صَادِقًا فِي دَعْوَاك الرِّسَالَة وَلَمْ يَخْتَلِط عَلَيْك الْأَمْر آمَنْت بِك . وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا وَخُلِطَ عَلَيْك الْأَمْر فَلَا . وَقَدْ ظَهَرَ كَذِبك وَالْتِبَاس الْأَمْر عَلَيْك فَلَا تَعْدُو قَدْرك .
قَوْله : ( إِنْ يَكُنْ هُوَ )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْكُشْميهَنِيّ ” إِنْ يَكُنْهُ ” عَلَى وَصْل الضَّمِير , وَاخْتَارَ اِبْن مَالِك جَوَازه , ثُمَّ الضَّمِير لِغَيْرِ مَذْكُور لَفْظًا , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد أَحْمَد ” أَنْ يَكُون هُوَ الَّذِي تَخَاف فَلَنْ تَسْتَطِيعهُ ” وَفِي مُرْسَل عُرْوَة عِنْد الْحَارِث بْن أَبِي أُسَامَة ” إِنْ يَكُنْ هُوَ الدَّجَّال ” .
قَوْله : ( فَلَنْ تُسَلَّط عَلَيْهِ )
فِي حَدِيث جَابِر ” فَلَسْت بِصَاحِبِهِ , إِنَّمَا صَاحِبه عِيسَى ابْن مَرْيَم ” .
قَوْله : ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْر لَك فِي قَتْله )
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا لَمْ يَأْذَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْله مَعَ اِدِّعَائِهِ النُّبُوَّة بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْر بَالِغ , وَلِأَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَة أَهْل الْعَهْد , قُلْت : الثَّانِي هُوَ الْمُتَعَيَّن , وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيث جَابِر عِنْد أَحْمَد , وَفِي مُرْسَل عُرْوَة ” فَلَا يَحِلّ لَك قَتْله ” ثُمَّ إِنَّ فِي السُّؤَال عِنْدِي نَظَرًا , لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّح بِدَعْوَى النُّبُوَّة , وَإِنَّمَا أَوْهَمَ أَنَّهُ يَدَّعِي الرِّسَالَة , وَلَا يَلْزَم مِنْ دَعْوَى الرِّسَالَة دَعْوَى النُّبُوَّة , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( إِنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين عَلَى الْكَافِرِينَ ) الْآيَة .
صحيح البخاري :: الجهاد والسير :: كيف يعرض الإسلام على الصبي
2891
قال ابن عمر
انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب يأتيان النخل الذي فيه ابن صياد حتى إذا دخل النخل طفق النبي صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل ابن صياد أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمزة فرأت أم ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد أي صاف وهو اسمه فثار ابن صياد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو تركته بين
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( قَالَ اِبْن عُمَر اِنْطَلَقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأُبَيّ بْن كَعْب )
هَذِهِ هِيَ الْقِصَّة الثَّانِيَة مِنْ هَذَا الْحَدِيث , وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّل , وَقَدْ أَفْرَدَهَا أَحْمَد عَنْ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادِ حَدِيث الْبَاب , وَوَقَعَ فِي حَدِيث جَابِر ” ثُمَّ جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَنَفَر مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار وَأَنَا مَعَهُمْ ” وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَبِي الطُّفَيْل أَنَّهُ حَضَرَ ذَلِكَ أَيْضًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِز شَرْح مَا فِي هَذَا الْفَصْل مِنْ الْمُفْرَدَات وَبَيَان اِخْتِلَاف الرُّوَاة . و
قَوْله ” طَفِقَ ”
أَيْ جَعَلَ
وَ ” يَتَّقِي ”
أَيْ يَسْتَتِر و
” يَخْتَلْ ”
أَيْ يَسْمَع فِي خُفْيَة . وَوَقَعَ فِي حَدِيث جَابِر ” رَجَاء أَنْ يَسْمَع مِنْ كَلَامه شَيْئًا لِيَعْلَم أَصَادِق هُوَ أَمْ كَاذِب ” .
قَوْله ( أَيْ صَافٍ )
بِمُهْمَلَةِ وَفَاء وَزْن بَاغٍ , زَادَ فِي رِوَايَة يُونُس ” هَذَا مُحَمَّد ” وَفِي حَدِيث جَابِر ” فَقَالَتْ يَا عَبْد اللَّه هَذَا أَبُو الْقَاسِم قَدْ جَاءَ ” وَكَأَنَّ الرَّاوِي عَبَّرَ بِاسْمِهِ الَّذِي تَسَمَّى بِهِ فِي الْإِسْلَام , وَأَمَّا اِسْمه الْأَوَّل فَهُوَ صَافٍ .
قَوْله : ( لَوْ تَرَكْته بَيَّنَ )
أَيْ أَظْهَر لَنَا مِنْ حَاله مَا نَطَّلِع بِهِ عَلَى حَقِيقَته , وَالضَّمِير لِأُمِّ اِبْن صَيَّاد , أَيْ لَوْ لَمْ تُعْلِمهُ بِمَجِيئِنَا لَتَمَادَى عَلَى مَا كَانَ فِيهِ فَسَمِعْنَا مَا يَسْتَكْشِف بِهِ أَمْره . وَغَفَلَ بَعْض الشُّرَّاح فَجَعَلَ الضَّمِير لِلزَّمْزَمَةِ , أَيْ لَوْ لَمْ يَتَكَلَّم بِهَا لِفَهْمِنَا كَلَامه لَكِنَّ عَدَم فَهْمنَا لِمَا يَقُول كَوْنه يُهَمْهِم , كَذَا قَالَ . وَالْأَوَّل هُوَ الْمُعْتَمَد .
صحيح البخاري :: الأدب :: قول الرجل للرجل اخسأ
5824
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره
أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من أصحابه قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الغلمان في أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال أتشهد أني رسول الله فنظر إليه فقال أشهد أنك رسول الأميين ثم قال ابن صياد أتشهد أني رسول الله فرضه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال آمنت بالله ورسله ثم قال لابن صياد ماذا ترى قال يأتيني صادق وكاذب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلط عليك الأمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني خبأت لك خبيئا قال هو الدخ قال اخسأ فلن تعدو قدرك قال عمر يا رسول الله أتأذن لي فيه أضرب عنقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن هو لا تسلط عليه وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله قال سالم فسمعت عبد الله بن عمر يقول انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري يؤمان النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمرمة أو زمزمة فرأت أم ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد أي صاف وهو اسمه هذا محمد فتناهى ابن صياد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين
قال سالم قال عبد الله قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني أنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور قال أبو عبد الله خسأت الكلب بعدته
{خاسئين }
مبعدين
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : خَسَأْت الْكَلْب بَعَّدْته , خَاسِئِينَ مُبْعَدِينَ )
ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ وَحْده , وَهُوَ قَوْل أَبِي عُبَيْدَة قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( كُونُوا قِرَدَة خَاسِئِينَ ) أَيْ قَاصِينَ مُبْعَدِينَ , يُقَال : خَسَأْته عَنِّي , وَخَسَأَ هُوَ , يَعْنِي يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى . وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا ) أَيْ مُبْعَدًا وَقَالَ الرَّاغِب : خَسَأَ الْبَصَر اِنْقَبَضَ عَنْ مَهَانَة , وَخَسَأْت الْكَلْب فَخَسَأَ أَيْ زَجَرْته مُسْتَهِينًا بِهِ فَانْزَجَرَ . وَمَالَ اِبْن التِّين فِي قَوْله فِي حَدِيث الْبَاب ” اِخْسَأْ ” : مَعْنَاهُ اُسْكُتْ صَاغِرًا مَطْرُودًا . وَثَبَتَتْ الْهَمْزَة فِي آخِر اِخْسَأْ فِي رِوَايَة وَحُذِفَتْ فِي أُخْرَى بِلَفْظِ ” اِخْسَ ” وَهُوَ تَخْفِيف .
صحيح البخاري :: القدر :: يحول بين المرء وقلبه
6249
حدثنا علي بن حفص وبشر بن محمد قالا أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد خبأت لك خبيئا قال الدخ قال اخسأ فلن تعدو قدرك قال عمر ائذن لي فأضرب عنقه قال دعه إن يكن هو فلا تطيقه وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
الْحَدِيث مَضَى فِي أَوَاخِر الْجَنَائِز وَيَأْتِي مُسْتَوْعَبًا فِي الْفِتَنِ .
وَقَوْله : ” عَبْد اللَّه ”
فِي حَدِيثَيْ الْبَاب هُوَ اِبْن الْمُبَارَك , وَقَدْ ذَكَرْت تَرْجَمَة عَلِىّ بْن حَفْص فِي أَوَائِل كِتَاب الْجِهَاد .
وَقَوْله : ” وَإِنْ يَكُنْهُ ”
بِهَاءِ ضَمِيرٍ لِلْأَكْثَرِ وَكَذَا فِي ” إِنْ لَمْ يَكُنْهُ ” وَوَقَعَ فِيهِمَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِلَفْظِ ” إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ ” بِالْفَصْلِ وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة , وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَمَنَعَ الْأَوَّل . قَالَ اِبْن بَطَّال مَا حَاصِله : مُنَاسَبَة حَدِيث اِبْن عُمَر لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْآيَة نَصٌّ فِي أَنَّ اللَّه خَلَقَ الْكُفْر وَالْإِيمَان , وَأَنَّهُ يَحُول بَيْن قَلْب الْكَافِر وَبَيْن الْإِيمَان الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ فَلَا يُكْسِبُهُ إِنْ لَمْ يُقْدِرْهُ عَلَيْهِ بَلْ أَقْدَرَهُ عَلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْكُفْرُ , وَكَذَا فِي الْمُؤْمِن بِعَكْسِهِ , فَتَضَمَّنَتْ الْآيَة أَنَّهُ خَالِق جَمِيع أَفْعَال الْعِبَاد خَيْرهَا وَشَرّهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْله : ” مُقَلِّب الْقُلُوب ” لِأَنَّ مَعْنَاهُ تَقْلِيب قَلْب عَبْده عَنْ إِيثَار الْإِيمَان إِلَى إِيثَار الْكُفْر وَعَكْسه , قَالَ : وَكُلّ فِعْل اللَّه عَدْل فِيمَنْ أَضَلَّهُ وَخَذَلَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُمْ حَقًّا وَجَبَ لَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ : وَمُنَاسَبَة الثَّانِي لِلتَّرْجَمَةِ قَوْله : ” إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَا تُطِيقُهُ ” يُرِيد أَنَّهُ إِنْ كَانَ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَخْرُج وَيَفْعَل فَإِنَّهُ لَا يُقْدِرك عَلَى قَتْل مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ سَيَجِيءُ إِلَى أَنْ يَفْعَل مَا يَفْعَل ; إِذْ لَوْ أَقْدَرَك عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ اِنْقِلَاب عِلْمه , وَاَللَّه سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ .
صحيح مسلم :: الفتن وأشراط الساعة :: ذكر ابن صياد
12413
حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم واللفظ لعثمان قال إسحق أخبرنا و قال عثمان حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد ففر الصبيان وجلس ابن صياد فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تربت يداك أتشهد أني رسول الله فقال لا بل تشهد أني رسول الله فقال عمر بن الخطاب ذرني يا رسول الله حتى أقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله